اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب - (دراسة موجزة)

بقلم : أشرف هانى سرور
رئـــيس محكمة الاستئناف

مقدمة: 

تضمن الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الذى تبنته الدورة الثامنة عشر لاجتماع قمة منظمة الوحدة الأفريقية فى نيروبى يونيو 1981 ألية وحيدة تعني فى المقام الأول (مراقبة تطبيق الميثاق فى الدول أطرافه) ويشمل حماية حقوق الإنسان الأفريقي التي حواها الميثاق من خلال مواده إضافة إلى تعزيز هذه الحماية على مستوى القارة الأفريقية، وهذه الآلية هى "اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوبACHPR " والتى اضطلعت القيام بالدور المنوط بها طبقاً للمهام المنوطة بها طبقاً للميثاق كحماية وتعزيز حقوق الإنسان الأفريقي ونشر ثقافة احترام مبادئ حقوق الإنسان فضلاً عن تفسير الميثاق الأفريقي إضافة إلى عدة مهام سنتولى عرضها لاحقاً، وبالرغم من العقبات العديدة التى واجهت اللجنة فى أداءها لعملها كضعف الامكانيات اللوجيستية وتجاهل بعض الدول الوفاء بالتزاماتها قبل اللجنة بعدم تقاريرها الاولية المعنية بتوضيح كيفية تعاطيها مع الحقوق والحريات الواردة فى الميثاق وكيفية تطبيقها إلا أنها أدت ومازالت جهوداً ملحوظة ومثمرة أفضت إلى نشر الوعي بدرجة ملحوظة بحقوق الإنسان الأفريقي التى يكفلها الميثاق حيث أنشأت لجان عدة تعنى بمراقبة كيفية حماية وتعزيز حقوق الإنسان والتعاطي بجدية مع شكاوى انتهاكات تلك الحقوق وأفردت لها آلية خاصة تعنى بمراجعة تلك الشكاوى إضافة إلى تعاونها المثمر مع المنظمات الغير حكـومية المعنية بحقوق الإنسـان وكذلك دورها المحـوري فى إنشاء المحكمة الأفريقية لحقـوق الإنسـان والشعوب والعلاقة التكاملية التى تربط بينهما لإعلاء مبادئ حقـوق الإنسـان وملاحقـة مرتكبي انتهاكها، وفيما يلى سنتناول هـذه الجهـود على النحو التالي: 

أولاً: دور اللجنة فى تلقي تقارير الدول الأطراف: 

وفقاً لنص المادة 62 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والتي تعهدت بموجبها كل دولة طرف بأن تقدم كل عامين تقريراً دورياً حول التدابير التشريعية والتدابير الأخرى التى تم اتخاذها من قبل تلك الدول سعياً لتحقيق وترسيخ الحقوق والحريات التى يعترف بها هذا الميثاق ويكفلها إضافة إلى ما تقدم تلتزم الدول الأطراف بتقديم تقرير أولي إلى اللجنة فور نفاذ الميثاق الأفريقي في مواجهتها ثم توالي تقديم تقاريرها الدورية كما أوضحنا، وبالرغم من تلك المادة الحاكمة إلا أن العديد من الدول الأطراف لم تلتزم بتطبيقها حرفياً بل أن العديد من الدول الأطراف لم تتقدم من الأساس بتقاريرها الأولية حتى الآن وبلغ عددها ثمان دول فيما تأخرت نحو تسع وثلاثون دولة عن تقديم تقاريرها الدورية في مواعيدها المقررة فيما تقدمت تسع دول بكامل تقاريرها الدورية دون تأخير. 

ثانياً: دور اللجنة فى تلقي المراسلات (الشكاوى):

انشأت اللجنة فريقاً معنياً فقط بالمراسلات (الشكاوى) بموجب قرارها رقم 194 فى دورتها العادية الخمسون التى عقدت فى بانجول الفترة من 24 اكتوبر حتى الخامس من نوفمبر 2011 على أساس من المادة 97/2 من قواعد اللجنة الإجرائية التى نصت على أنه يجوز للجنة أن تنشأ مجموعة عمل أو فريق معني أو أكثر للنظر فى مسألة المقبولية والأسس الموضوعية للشكاوى والمراسلات وكيفية استحقاق تناولها من عدمه ويتقدم هذا الفريق بتوصياته وملاحظاته إلى اللجنة بشأن تلك الشكاوى التى ترد إليها.

ويشار فى هذا الشأن أنه قد ورد إلى اللجنة خلال العامين الأخيرين 2016 / 2017 نحو ثلاثون شكوى بإدعاءات لانتهاكات حقوق الإنسان المتضمنة فى الميثاق، كان من نصيب مصر شكوتين، انتهت اللجنة إلى رفضهما فيما أصدرت قرارها بعدم قبول أربعة عشر شكوى وانتهت إلى قبول واستحقاق وجدية اثنى عشر شكوى ومازالت تتداول أمامها شكوتين لم تصدر فيهما قراراً بعد. 

ثالثاً: تعاون اللجنة مع المنظمات الغير حكومية: 

تتمتع نحو 514 منظمة غير حكومية بصفة مراقب لدى اللجنة منحتها إياها الأخيرة هذه الصفة بعد أن تفهمت الدور الهام التى يمكن أن تضطلع به هذه المنظمات فى إطار عمل اللجنة وأهدافها من حماية وتعزيز حقوق الإنسان حيث لعبت هذه المنظمات دوراً بارزاً فى أنشطة اللجنة حيث عملت على لفت انتباه اللجنة إلى انتهاكات ارتكبت ومتضمنة في الميثاق الأفريقي، إضافة الى إرسالها الشكاوى إلى اللجنة نيابة عن الأفراد، وتعمل هذه المنظمات أيضاً على رصد ومتابعة كيفية التزام الدول الأطراف بحماية الحقوق الواردة فى الميثاق والعمل على زيادة الوعي بأنشطة اللجنة عن طريق المؤتمرات والأنشطة الأخرى إضافة إلى تقديمها تقارير ظل عن كيفية تطبيق الدول الأطراف للحقوق الواردة فى الميثاق والعمل على تعميم التوصيات الختامية للجنة، وجدير بالذكر أنه قد بدأ منح صفة مراقب للمنظمات غير حكومية بدءاً من عام 1988. 

رابعاً: الدور التكاملي للجنة مع المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب : 

تم إنشاء المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بموجب المادة الأولى من البروتوكول الخاص بالميثاق الأفريقي بشأن إنشاء محكمة أفريقية لحقوق الإنسان والشعوب والذى تم اعتماده من قبل مجلس رؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الأفريقية فى واجادوجو – بوركينا فاسو يونيو 1998 ودخل البروتوكول حيز النفاذ فى الخامس والعشرون من يناير 2004 وكان الهدف من إنشاء تلك المحكمة ضمان حماية حقوق الإنسان في أفريقيا وملاحقة منتهكي تلك الحقوق، وهي فى عملها تكمل وتعزز مهام اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب. 

وقد ظهر ذلك التعاون التكاملى فيما بين الجهازين من خلال إحالة اللجنة من جانبها الشكاوى إلى المحكمة والتي انتهت فى قرارها كونها تمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان الواردة في الميثاق وتشفع اللجنة فى احالتها لتلك الشكاوى مذكرة تتضمن توصياتها وملاحظاتها حول الانتهاكات التى تيقنت من تحققها بتلك الشكاوى، كذلك للمحكمة أن تحيل ما تراه من القضايا إلى اللجنة لفحصها وإعداد تقرير بشأن إمكانية مقبوليتها ابتداءاً من عدمه. 

أيضاً عملت المحكمة على توفيق لائحة اجراءاتها الداخلية اتساقاً مع اللائحة الداخلية للجنة بل وتتطابق معها لدرجة كبيرة لمزيد من التفاعل والتكامل وظلت المحكمة فترة من الزمن تعتمد على اللائحة الداخلية للجنة إلى أن انتهت نهائياً من إعداد نظامها الداخلى فى يونيو2010.

كذلك يلتقى الجهازان مرة واحدة على الاقل سنوياً لتدارس التفعيل المستمر لأوجه التعاون المشترك وزيادة مساحة التكامل فى عمل كل منهما فى حماية وتعزيز حقوق الإنسان التى يكفلها الميثاق الأفريقي، اخيراً يشار فى هذا الشأن إلى أنه قد تلقت المحكمة نحو 147 عريضة دعوى حتى الثلاثين من أغسطس 2017 انتهت بالفعل من الفصل فى 32 قضية منها. 

خامساً: أهم الآليات الفرعية الفاعلة التى أنشأتها اللجنة: 

تجدر الإشارة إلى أن النظام الداخلي للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب فى الفصل السادس بالمادتين 28و 29 أتاح للجنة إنشاء هيئات فرعية تابعة لها حيث أنشات تبعاً لذلك خمسة مقررين خاصين يعالجون قضايا محددة لحقوق الإنسان على النحو التالي :

1. حرية التعبير والحصول على المعلومات في أفريقيا.

2. المدافعون عن حقوق الإنسان.

3. السجون وشروط الاحتجاز.

4. اللاجئون وملتمسو اللجوء والمهاجرون والأشخاص المشردون داخلياً.

5. حقوق المرأة ويتحمل هذا المقرر (المقررة) مسؤوليات محددة فيما يتعلق بتطبيق بروتوكول حقوق المرأة في أفريقيا (بروتوكول مابوتو).

أيضاً انشأت تسع فرق عاملة ولجان ترصد وتبحث مختلف القضايا فى إطار الاختصاص القضائي للجنة وتقدم تقريراً مرحلياً فى كل دورة عادية للجنة كالتالى:

1. لجنة منع التعذيب فى أفريقيا.

2. الفريق العامل المعني بالشعوب/المجتمعات الأصلية فى أفريقيا.

3. الفريق العامل المعني بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

4. الفريق العامل المعني بعقوبة الإعدام. 

5. الفريق المعنى بحقوق المسنين والاشخاص المعاقين.

6. الفريق العامل المعنى بالانتهاكات فى مجال الصناعات الاستخراجية والبيئة وحقوق الإنسان.

7. اللجنة المعنية بحماية حقوق الاشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية وأولئك المعرضين للخطر والضعفاء والمتضررين من فيروس نقص المناعة البشرية.

8. الفريق العامل المعنى بالبلاغات.

9. الفريق المعنى بالتقارير. 

سادساً : نبذة تاريخية عن اللجنة ووضعيتها القانونية والاختصاصات: 

تلعب اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب دوراً هاماً نحو حماية حقوق الإنسان الأفريقي، فقد احتوى الميثاق الأفريقي تحديداً ولأول مرة فى مواثيق حقوق الإنسان الإقليمية حقوقاً للشعوب وكذلك التزامات على الدول إضافة إلى حقوق للأفراد وواجباتهم، ومن جانب آخر لم يكن للميثاق فاعلية بدون وجود الآلية الممثلة في "اللجنة كجهاز تنفيذى" للدفاع عن هذه الحقوق ومراقبة تطبيقها، فتم انشاءها فعلياً فى يوليو 1987 أثناء انعقاد الدورة الثالثة والعشرون لمؤتمر رؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الأفريقية المنعقدة فى "أديس ابابا" وحدد مقراً لها فى بانجول عاصمة جامبيا وتم إقرار اللغات الرسمية فيها وهي (العربية والإنجليزية والفرنسية) واعتمدت لائحتها التنفيذية فى مؤتمر" بداكار – السنغال" في فبراير 1988، ولأهمية اللجنة قد أفرد لها فى الميثاق الافريقي اكثر من ثلاثون مادة بداية من المادة 30 حتى 62.

1-الوضعية القانونية واختصاصات اللجنة :

أ- الوضعية القانونية: تعد اللجنة جهازاً من داخل منظمة الاتحاد الأفريقي (منظمة الوحدة الأفريقية سابقاً) لإشاعة الحقوق وحمايتها الواردة فى الميثاق ومراقبة تطبيقها مكلفاً بمهام حددها الميثاق الأفريقي وبالرغم من تلك الوضعية القانونية للجنة إلا أنه قد شابها الغموض عما إذا كانت جزءاً من سكرتارية منظمة الوحدة الأفريقية أم هى احد اللجان المنبثقة والمتخصصة داخل منظمة الوحدة الأفريقية طبقاً للمادة 20 من ميثاق المنظمة إلا أنه فى واقع الامر أياً كان الغموض الذى شاب الوضعية القانونية إلا أن واقع الأمر اعتبار اللجنة جهاز من أجهزة المنظمة (الاتحاد الأفريقي) هو أمر منطقي ويستقيم مع كون عضوية الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب فتحت للدول الاعضاء في المنظمة المذكورة فقط كما أن هذه اللجنة هى المسئولة عن ضمان وتعزيز حقوق الإنسان والشعوب في أفريقيا. 

ب- الاختصاصات الممنوحة للجنة مع التقييم: من أهم الأهداف التي تسعى إليها اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب هي حماية ورعاية حقوق الإنسان في أفريقيا وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان على مستوى القارة الأفريقية مثل الدعوة لهذه الحقوق والتعريف بهذه الثقافة، ويشار إلى أنه أثناء انعقاد الاجتماع الثاني للجنة فى داكار بالسنغال الفترة من 8- 13 فبراير 1988 وضعت اللجنة خطة عملها للعامين 1988 / 1989 وحصرتها في الدراسة والإعلام ونشر وتوزيع الميثاق الافريقي والعمل على إنشاء مكتبة أفريقية ومركز للتوثيق خاص بحقوق الإنسان واصدار مجلة أفريقية تعنى بذلك المجال وإعداد مادة علمية تتناول حقوق الإنسان فى مناهج التعليم الثانوي، والتوصية بإنشاء لجان وطنية معنية بحقوق الإنسان إضافة إلى ما سبق اضطلعت اللجنة بمهام شبة قانونية كالقيام بحملة موسعة لحث الدول الافريقية المصادقة على الميثاق الأفريقي وكذا حثها المصادقة على المعاهدات الدولية وإدراج أحكام الميثاق فى دساتير الدول الأفريقية. 

ج- مهام التعاون مع الهيئات الدولية والمشتركة بين الدول والحكومات ذات الصلة بحقوق الانسان : كاللجنة الأوربية لحقوق الإنسان واللجنة الأمريكية لحقوق الإنسان ولجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان والمنظمات غير حكومية العاملة بحقوق الإنسان كمنظمة العفو الدولية وأيضاً المنظمات غير الحكومية الأفريقية مثل الاتحاد الأفريقي للمحامين، وجمعية القانونين الأفارقة، والجمعية الأفريقية للقانون الدولي، إلا أن من أهم اختصاصات اللجنة هو قيامها بفحص التقارير الدورية ذات الصلة بحقوق الإنسان التى تلتزم الدول أطراف الميثاق بتقديمها دورياً. 

ملاحظة هامة: مع المهام الكبيرة الملقاة على عاتق اللجنة، وكون ميزانيتها ومكافآت أعضائها تدرج فى الميزانية العادية لمنظمة الاتحاد الأفريقي (الوحدة الأفريقية سابقاً) الامر الذى اضعف بطبيعة الحال من فعالية اللجنة وتأثيرها إذ تدفعها هذه التبعية بما فيها من ضعف الامكانات المتاحة والضغوط من الدول المانحة أو ذات المساهمات المالية الملحوظة إلى تحجيم كبير لنشاط اللجنة الذى كان يمكنها الاضطلاع به إذا توفرت لها امكانيات مادية أكبر وعلى نحو مؤكد إذا ما تمتعت اللجنة بميزانية مستقلة. 

كذلك عند تناولنا لاختصاصات اللجنة نجد مدى ما تتسم به من تنوع واتساع وايضاً عدم الوضوح بعض الاحيان، فهى تلعب دورين غاية فى الأهمية هما تعزيز وحماية حقوق الإنسان الأفريقي فى ذات الوقت تفسير الميثاق إضافة إلى مهام أخرى توكل إليها وهو الأمر الذى قد يؤدى لتشعب تلك الاختصاصات التى تضطلع بها اللجنة مثل التعزيز والحماية، فعلى سبيل المثال قد يفضي ذلك الى نتائج سلبية غير التى استهدفت عند تناول هذه الاختصاصات فقد يغلب الاهتمام بجانب على حساب جانب آخر مما يؤدي إلى هذه النتيجة السلبية فثمة أجهزة قد لا تستطيع لعب أكثر من دور كقيامها بحماية حقوق الإنسان دون أن يدخل فى تكوينها أو صلاحياتها ما يسمح لها بذلك ففى الواقع الأفريقي المؤلم تجاة قضايا حقوق الإنسان يبدو أن دور اللجنة فى مجال الحماية هو درب من الأحكام المؤجلة بعيدة التحقيق في الوقت الحاضر الذي يبتعد كثيراً عما تعنيه القارة من بعض الحكومات المتسلطة التي لا تسمح مجرد النقد لتصرفاتها التى قد تتعارض مع حماية حقوق الانسان، وهو ما يضعف بالضرورة عمل اللجنة ونتمنى بالفعل أن يتم تجاوز تلك الإشكالية ويكون فى النيات الحسنة عوضاً عن ما قد تصادفه اللجنة فى أداءها لعملها المتسع والمترامي فى موضوعات حقوق الإنسان على مستوى القارة الأفريقية.

وعلى نحو ما سلف يحدد الميثاق الأفريقي اختصاصات اللجنة التى وردت فى مادته الخامسة والأربعين على النحو التالي:

• النهوض بحقوق الإنسان والشعوب وبصفة خاصة تجميع الوثائق وإجراء الدراسات والبحوث حول المشاكل الأفريقية فى مجال حقوق الإنسان والشعوب وصياغة ووضع المبادئ والقواعد التى تهدف إلى حل المشاكل القانونية المتعلقة بتلك الحقوق ولها فى ذلك التعاون مع سائر المؤسسات الأفريقية والدولية المعنية بالنهوض بحقوق الإنسان والشعوب وحمايتها. 

• ضمان حماية حقوق الانسان والشعوب وفقا للشروط الواردة في الميثاق. 

• تفسير كافة الأحكام الواردة في الميثاق. 

• القيام بأية مهام أخرى يوكلها إليها مؤتمر رؤساء الدول والحكومات. 

ويتبن لنا من القراءة السريعة لمحتوى هذه الاختصاصات أن اللجنة يمكن اعتبارها آلية مراقبة داخل الميثاق الأفريقي تعمل على مراقبة وفاء الدول أطرافه بالتزاماتها الموكلة إليها كنتيجة لانضمامها له. وأيضاً دور اللجنة فى التفسير يتيح لها اللجوء إلى أحكام القانون الدولي طبقاً للمادتين (60، 61) من الميثاق وبموجب هذا الدور أصبح القانون الدولي أحد الدعامات الرئيسية فى تأسيس قواعد الميثاق وتفعيلها بطريقة قد لا تتوافر إذا ما اتبعت اللجنة مذهباً متشدداً لنصوصه وإضافة للقانون الدولي يمكن للجنة ان تسترشد بالقرارات الصادرة عن أجهزة الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة التابعة لها حيث تتمتع هذه الاجهزة بمصداقية يمكن معها أن تساعد اللجنة فى أداءها لعملها. 

وتكتسب أيضاً هذه الاختصاصات أهمية كبيرة اخذاً فى الاعتبار الواقع المؤلم التى تعيشه القارة الأفريقية من مشكلات غاية التعقيد والخطورة كالتخلف والأمية وانتشار الأوبئة والفقر فى مناطق عديدة من أفريقيا والذى يفرض بالفعل على اللجنة مهمة شاقة لمعالجة الجهل التام فى معرفة وفهم الأفارقة لحقوق الإنسان ويمكن لها أن تقوم بهذا الدور بالربط بين موضوعات حقوق الإنسان وبين التقاليد الأفريقية الإيجابية والعريقة والعمل على نشرها أيضاً بين الحكومات وعدم قصرها على الأفراد والشعوب. فاللجنة يمكن لها ان تلعب دوراً هاماً فى مجال تعزيز حقوق الإنسان من خلال إيضاح حدود القيود والحريات المضمنة فى الميثاق الأفريقي والهدف المأمول من وراء فرضها بما لا يسمح بتحديها وتجاهلها والاستجابة إليها فعلاوة على ذلك أن توضح اللجنة الأحكام المتعلقة بالواجبات ولابد أن يؤدى ذلك إلى فهم الأفراد والجماعات وذلك للمساهمة فى عمليات التنمية. 

في المقابل أيضاً يمكن للجنة من خلال أداءها لعملها أن تفرز من الوثائق الأفريقية ذات الصلة بحقوق الإنسان ما ينتج تاريخاً جديداً لأفريقيا في هذا المجال لا سيما ما يمكن اللجنة الاستفادة من الحضارة الأفريقية الموغلة في القدم والتي تضم فى ثناياها العديد من المبادئ الإنسانية الهامة التى تصلح لتكون محوراً للعديد من اتفاقيات جديدة معنية بحقوق الإنسان. 

1. فى مجال المراقبة: يمكن أن يكون دور اللجنة فى مراقبة تطبيق مبادئ حقوق الإنسان الواردة فى الميثاق مراقبة فعالة ناجزة وان تتيقن من استيفاء الدول الأطراف التزاماتها المترتبة على انضمامها له من خلال التقارير الدورية التى تلتزم بتقديمها إلى اللجنة كل عامين طبقاً لنص المادة 62 من الميثاق والذى يعد وسيلة هامة للرقابة على نهوض الدول بالتزاماتها وبيان أوجه القصور في هذا المجال، ونشير فى هذا المجال أيضاً إلى دور اللجنة الهام فى تلقي شكاوى حقوق الإنسان سواء من أفراد أو جهات حكومية أو دول أو منظمات غير حكومية وهى تعد آلية غاية في الأهمية فى مجال حماية حقوق الإنسان الأفريقي. 

2. تشكيل اللجنة مع التقييم: تتألف اللجنة الافريقية من أحد عشر عضواً يتم اختيارهم بصفتهم الشخصية من بين الشخصيات الأفريقية التى تتحلى بأعلى قدر من الاحترام ومشهود لها بسمو الأخلاق والنزاهة والجدية وتتمتع بالكفاءة فى مجال حقوق الإنسان والشعوب مع ضرورة الاهتمام بصفة خاصة بذوي الخبرة فى مجال القانون (مادة 31) من الميثاق ولا يجوز أن تضم أكثر من عضو واحد من نفس الدولة (مادة 32) ولم يشترط الميثاق أن يكون أعضاء اللجنة جميعهم قانونيين، ويتلاحظ لنا عند مطالعة تشكيل اللجنة هو عدد الاعضاء الذى نرى ضآلته مقارنة بعدد الدول الأفريقية التى تتعدى الخمسين دولة المعنية باهتمام ومجال عمل اللجنة الأمر الذى يسفر عنه عدم قدرة اللجنة على التعاطى بفاعلية فى الكثير من القضايا الهامة والمشاكل التى قد تظهر فى تلك الدول، ويستعصي على أضعاف عدد أعضاء اللجنة مواجهتها بالتالي فإن زيادة أعضاء اللجنة من واقع الأمر هو مطلب جوهري بالرغم من اعتماده بشكل أساسي على قدرة وامكانيات الاتحاد الأفريقي المادية. 

كذلك يتلاحظ فى تشكيل اللجنة عدم الاهتمام من جانب الميثاق الأفريقي بمسألة التمثيل الجغرافي للاقاليم المختلفة من القارة الأفريقية داخل اللجنة، ونعنى التمثيل العادل المتكافئ لكل اقاليم القارة فهى تمارس عملها في مواجهة العديد من الأنظمة السياسية ذات التوجهات المختلفة والانتماءات المذهبية المتعددة فى ظل نظم ثقافية وقانونية متنوعة فكان حرياً ان يكون تشكيلها معبراً عن هذه التعددية وذلك الاختلاف وعلى قدرة اللجنة فى التوفيق فيما بينها. 

كذلك يتلاحظ لنا ما سمحت به المادة 31 من الميثاق الأفريقي في أن تضم اللجنة أعضاء ليست لديهم خلفية قانونية بالرغم من الدور القانوني الذى تضطلع به اللجنة والذى يتطلب أشخاصاً ذوي مهارات قانونية متميزة وعلى وجه الخصوص فى مجال حقوق الإنسان لذا كان من الضرورى أن يراعى عند اختيار أعضاء اللجنة إعطاء الأولوية للأشخاص الذين عملوا كقضاة فى دولهم أو كأعضاء في وفود لدى المنظمات الدولية أو الإقليمية وهؤلاء ما ذكروا تتوافر فيهم مقومات الشخصية المطلوبة للعمل فى اللجنة من خبرات فى مجال حقوق الإنسان واجراءاتها. 

كما توضح المادة 33 من الميثاق الأفريقي كيفية انتخاب أعضاء اللجنة كونه يتم من خلال مجلس رؤساء الدول والحكومات الذى يدلل على مدى الأهمية التى تتمتع بها اللجنة وإن كانت تلك الطريقة في الاختيار يشوبها الشك بالنسبة لاستقلالية ونزاهة اللجنة فى أداءها لعملها دون تحيز أو التخوف من مراجعة مجلس الرؤساء لتقاريرها والمحاسبة عليها. 

وبالنسبة لمنصب سكرتير اللجنة نص الميثاق الأفريقي على أن تعيينه يكون عن طريق السكرتير العام لمنظمة الوحدة الأفريقية بالرغم من أن اختياره من قبل مجلس الرؤساء كان سيؤدي إلى إضفاء الأهمية التي يستحقها ذلك المنصب وسيحيله من مجرد مسجل اللجنة إلى أن يكون عمودها الفقري ومصدر معلوماتها من الموضوعات التي تعرض عليها عن طريق دائرة اتصالاته المفترض تكوينها بحكم منصبه مما يفعل من عمل اللجنة ويسرع في تناولها للموضوعات وإصدارها القرارات فيها. 

كما توضح المادة 35 من الميثاق الأفريقي طريقة اختيار أعضاء اللجنة حيث يجري بدعوة الآمين العام لمنظمة الاتحاد الأفريقي للدول الأطراف في الميثاق إلى تقديم قائمة بأسماء مرشحيها قبل أربعة أشهر من اجراء الأنتخاب ويرفع الأمين العام للمنظمة قبل شهر على الأقل من تاريخ هذا الإجراء قائمة بأسماء هؤلاء المرشحين مرتبة أبجدياً إلى رؤساء دول وحكومات المنظمة لتجري عليها الانتخابات. 

(ويتلاحظ بشأن هذه المادة أن جميع الدول الأفريقية يكون لهم صوت انتخابى فى عملية اختيار أعضاء اللجنة الأفريقية حتى ولو لم يكونوا أطراف في الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وفي الوضعية الأخيرة يمكنهم إلى جانب التصويت أن يتقدموا بمرشحين للمنافسة في انتخابات اختيار أعضاء اللجنة دون غيرهم من الدول الغير منضمة للميثاق الافريقي لذا نرى أن اعتبار اللجنة أحد أجهزة الاتحاد الأفريقي يعطي الحق لدول الاتحاد فى التصويت لعملية الاقتراع دون التقدم بمرشحين).

(طبقاً للمادة 34 من الميثاق بأن ترشح كل دولة طرف في الميثاق أكثر من شخصين من رعايا الدول الاطراف فى الميثاق شريطة أن يكون أحدهما من غير مواطنيها فكان من الأجدى التوسع فى ذلك العدد وليكن ثلاثة اشخاص كاللجنة الأمريكية لحقوق الإنسان سعياً لفاعلية اكثر فى عمل اللجنة وانجازاً سريعاً فى الوصول إلى نتائج ملموسة وتماشياً مع الأعباء والمهام المنوطة بها اللجنة).

يتم انتخاب أعضاء اللجنة لمدة ست سنوات قابلة للتجديد لكن تنتهي عضوية أربعة من الأعضاء بعد عامين وهم من بين الأعضاء الذين تم انتخابهم واختيارهم في الانتخابات الأولى ثم تنتهي بعد أربعة أعوام ممددة عضوية ثلاثة أعضاء آخرين (مادة 36 من الميثاق) ويجري رئيس اللجنة ورؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي قرعة مباشرة عقب الانتخابات الأولى لتحديد أسـماء الأعضـاء الذين تنتهى مدة عضويتهم بعد انقضاء عامين أو أربعة أعوام (مادة 37).

كما توضح أيضاً المادة 39 من الميثاق بفقراتها الثلاث الإجراءات الواجب اتخاذها حال وفاة أو استقالة أحد أعضاء اللجنة أو توقف أحدهم القيام بواجباته ويقوم رئيس اللجنة الأفريقية في الحالة الأولى بإبلاغ الأمين العام للمنظمة بذلك الأمر حتى يعلن الأخير عن شغور المنصب اعتباراً من تاريخ وفاة العضو أو استقالته أو من تاريخ توقفه عن ممارسة عمله لأى سبب سوى الغياب المؤقت وبعذر، ويقوم مجلس الرؤساء باستبدال ذلك العضو بآخر الذى يكمل مدة سلفه ما لم تكن المدة المتبقاه أقل من ستة اشهر وأخيراً يمارس الأعضاء عملهم حتى يتم انتخاب من يخلفهم (مادة 40 من الميثاق).

يقوم الأمين العام لمنظمة الوحدة الافريقية بتعيين أمين عام للجنة والذى يجب عليه أن يوفر لها والعاملين بها جميع الخدمات التي تمكنهم من القيام بمهامهم (مادة 41 من الميثاق الأفريقي ).

(وقد أشرنا سالفاً إلى أنه من الأفضل تعيين أمين عام اللجنة بمعرفة مجلس رؤساء الدول والحكومات أسوة بباقى أعضاء اللجنة نظراً لما يمثله هذا المنصب من أهمية كبيرة ).

تميز عملية انتخاب اعضاء اللجنة وكيفية أداءهم لعملهم بما تم الاشارة اليه فى المادة 38 من الميثاق الأفريقي بتعهدهم أداء واجباتهم على وجه متميز متكامل وبكل إخلاص وحيدة (وواقع الأمر لا توجد مادة مقابلة لهذه المادة فى الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان ويتميز بذلك الميثاق الأفريقي إضافة إلى ما أوجبته المادة 16 من لائحة النظام الداخلي للجنة بتأدية كل عضو منتخب للقسم قبل تأدية عمله ويجري ذلك فى جلسة عامة.

2-مهام اللجنة ويمكن ايجازها فى التالي:

• المهمة الأولى: اللجنة كجهاز للتعزيز: فى هذه المهمة تقوم اللجنة بجمع الوثائق وإجراء الدراسات والأبحاث حول القضايا الأفريقية ذات الصلة بحقوق الإنسان، وتنظيم المؤتمرات والندوات والملتقيات ونشر المعلومات وتشجيع المؤسسات الوطنية المحلية المعنية بحقوق الإنسان، وأيضاً إبداء وجهات النظر أو تقديم التوصيات للحكومات مع صياغة المبادئ ووضع القواعد التى تستهدف حل المسائل القانونية المتعلقة بحقوق الانسان والشعوب والحريات الاساسية والتى يمكن أن تعتمد عليها الحكومات الأفريقية في وضع تشريعاتها الداخلية كذلك التعاون مع المؤسسات الأفريقية والدولية الاخرى المعنية بحقوق الإنسان والشعوب وتعزيزها. 

واقع الأمر، أنه طبقاً لهذه المهمة يمكن للمؤسسات الأفريقية التي تبدي الرغبة في التعاون مع اللجنة أن تدعو أعضاء الأخيرة للمشاركة في المناسبات المخصصة للنهوض بحقوق الإنسان والشعوب، وأيضاً أن ما نصت علية المادة 68 من الميثاق الأفريقي التي تضمنت إلزام كل دولة طرف في الميثاق أن تقدم كل عامين تقريراً وطنياً دورياً حول التشريعات وغيرها من الإجراءات المتخذة لتطبيق الحقوق والحريات التي يعترف بها ويتضمنها الميثاق الأفريقي ربما يمكن أن يساعد فى تعزيز حقوق الإنسان الأفريقي وإنماء الشعور بمدى أهمية حقوق الإنسان على المستوى الأفريقي. 

• المهمة الثانية: اللجنة كجهاز لحماية حقوق الإنسان المتضمنة فى الميثاق الأفريقي: تقوم اللجنة بهذه المهمة للتأكيد على حماية حقوق الإنسان في ظل مواد الميثاق 47- 59 وتتلخص في قيام اللجنة بالتعامل مع مراسلات الدول والأفراد، والتي تحوي شكاوى تفحصها اللجنة سواء كانت شكاوى فيما بين الدول الأطراف ضد بعضها البعض أو الشكاوى التي ترسل ضد دول الأفراد الشاكين أو ضد أية دولة طرف أخرى بزعم انتهاك حقوق الإنسان وفقاً لشروط وضوابط معينة تحدثت عنها المادة 56 من الميثاق الأفريقي. 

• واحتوى الميثاق الأفريقي على وسيلتين لعرض الشكوى أمام اللجنة وهما المراسلات فيما بين الدول (مادة 47 من الميثاق) والمراسلات الاخرى (مادة 55 وما بعدها من الميثاق) ومتى استيقنت اللجنة أنها قد جمعت المعلومات التى تراها ضرورية من الدولة المعنية بالشكوى أو استقتها من مصادر اخرى ومتى ما فشلت فى الوصول إلى حل متفق عليه مبنى على احترام حقوق الإنسان والشعوب وجب عليها أن تعد تقريراً في فترة معقولة من تاريخ التقدم بالشكوى وقبولها توضح فى ذلك التقرير النتائج التى توصلت إليها ترفعه إلى مجلس الرؤساء ولها أن تضمنه أية توصيات تراها (مادة 52 من الميثاق الأفريقي).

• المهمة الثالثة: آلية لتفسير الميثاق: يمكن أن نعتبر تفسير اللجنة للميثاق مهمة رئيسية ثالثة لها وتضطلع بهذه المهمة بناء على طلب من دولة عضو أو طلب من أحد أجهزة منظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي) أو أية منظمة أفريقية أخرى معترف بها من قبل الاتحاد الأفريقي وقد تسببت هذه المهمة فى إثارة العديد من المشاكل من بعض وفود الدول الأفريقية مثل بوروندى وكينيا وتنزانيا حيث كان الشعور السائد أن مهام اللجنة سيكون محدوداً إذا ما تعلق الأمر بسيادة الدول وأن الخلافات حول تفسير الميثاق ينبغي حلها وفقاً لميثاق منظمة الوحدة الأفريقية أى عن طريق التسوية الدبلوماسية. 

كما اثيرت إشكالية تعارض بعض نصوص الميثاق الأفريقي مع بعض نصوص ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية حيث رأت بعض الوفود أن مجلس رؤساء دول وحكومات المنظمة هو صاحب الرأى الأخير فى حسم هذه الاشكالية وأن دور اللجنة يجب أن يكون ثانوي في هذا الشأن. 

• المهمة الرابعة: قانون عمل اللجنة: تتخذ اللجنة من القانون الدولي لحقوق الإنسان وعلى وجه الأخص تلك الوثائق المتعلقة بحقوق الإنسان والشعوب كقانون عمل أساسي للجنة بالإضافة إلى باقي المواثيق الدولية ذات الصلة مثل ميثاق منظمة الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والوثائق الأخرى لحقوق الإنسان التى تتبناها المنظمات، وميثاق منظمة الوحدة الافريقية، بالإضافة إلى تلك الوثائق التى تتبناها المنظمات المتخصصة ذات الصلة بمنظمة الأمم المتحدة (مادة 60 من الميثاق الأفريقي).

أيضاً تلك الاتفاقيات الدولية العامة أو الخاصة التى ترسي قواعد تعترف بها صراحة منظمة الوحدة الأفريقية وكذا الممارسات الأفريقية المتسقة مع القواعد الدولية لحقوق الإنسان والقواعد العرفية المقبولة والمبادئ العامة للقوانين المعترف بها من الدول الأفريقية بالإضافة إلى السوابق القانونية والفقة القانونى، واعتبر الميثاق هذه الوثائق الاخيرة مصادر احتياطية لقانون عمل اللجنة (مادة 61 من الميثاق الأفريقي).

(ومن واقع الأمر جاءت صياغة هاتين المادتين كباقى مواد الميثاق الأفريقي يكتنفها الكثير من الغموض وعدم الدقة فعباراتهما جاءت غير دالة على شئ يبنى عليه محوري مثلما ورد فى افتتاحية المادة الستون بكلمة (تستلهم) وهي لا تعني شئ محدد بالإضافة إلى أنه فعلياً هناك العديد من الدول الأفريقية لم يصادف أن تنضم للاتفاقيات والمعاهدات التي أشارت لها تلك المادة كمصدر قانون لعمل اللجنة فكيف يتأتى تطبيق قواعدها على دول لم تعترف بها من الأساس).

كذلك فإن تطبيق مثل هذه الوثائق على دول أفريقية ليست أطراف فيها سوف يعتمد على ما إذا كانت غير منشئة لقواعد جديدة، ومن ثم تحتوي على قواعد واجبة التطبيق كالقانون العرفي، إلى جانب أنه ليس من الواضح ما اذا كانت عبارة " العادات المقبولة من الكافة" باعتبارها قانون إشارة إلى القانون العرفي الأفريقي أو القانون العرفي الدولي فإذا كان الأول هو المعني فكيف يتأتى تكوين العرف الإقليمى قبل تطبيق مضمونه أيضاً، فقد حاولت المادتان سالفتى الذكر خلق ترتيب هرمي فيما بينهما عن طريق استخدام عبارة مصدر احتياطى بالمادة 61 وهى مستقاه من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية.